نانسي جمال …..التحالف الدولي يظل متحداً في حملته لهزيمة “داعش”
خلال اجتماع وزاري في واشنطن عُقد الأسبوع الماضي، تعهّد كل الشركاء في التحالف الدولي ضد «داعش»، البالغ عددهم 79، بمواصلة دعمهم الثابت لإلحاق الهزيمة بهذا التنظيم. ولقد أثار إعجابي قوة هذا التحالف واتساع رقعته وتنوع دوله ووقوفها معاً بحزم وإصرارٍ على إلحاق هزيمة ماحقة بـ«داعش»
ومن خلال العمل والتنسيق مع قوات شريكة في الميدان، تمكّن التحالف الدولي حتى الآن من تحرير أكثر من 99% من الأراضي التي كانت في قبضة «داعش». وفي الوقت الذي نقترب فيه من مرحلة مفصلية مهمة في الحملة العسكرية، فإن بإمكاننا أن نتصوّر ما أحرزناه من تقدّم إيجابي. غير أن هدف اجتماع واشنطن الوزاري تمحور في واقع الأمر حول إدراك مدى ما تبقّى علينا فعله لهزيمة «داعش»
يركز التحالف حالياً على المرحلة التالية من الحملة العسكرية، وما يترتّب علينا فعله لحماية ما تمّ تحريره من مناطق لضمان عدم عودة «داعش» إليها. ومن هنا فإن الأمن وتثبيت الاستقرار يُعتبران عامليْن حيوييْن لتحقيق ذلك
وبالتالي، بحث الشركاء خلال اجتماعهم الوزاري في سبل ضمان تحسين توفر الخدمات الأساسية للسكان وتوفير الفرص لهم حتى يعيدوا بناء حياتهم. ولقد جرت مناقشات مثمرة وبناءة حول عناصر الاندماج الاجتماعي والمصالحة والمساواة بين الجنسين والتعليم، وهي كلها أمور كان من المستحيل تحقيقها لو أن الوضع كان مختلفاً. وكان هناك من بين الشركاء من أعلن عن مزيد من التمويل لدعم المشاريع الهادفة إلى إيجاد حلول لبعض تلك المشاكل
ورغم ما يكتنف الوضع على الأرض من تحديات ومصاعب – بعضها ناجم عن العمليات الضخمة لإزالة الألغام الأرضية والتي لا بدّ من القيام بها قبل البدء بإعادة الإعمار – فإننا نشعر بالتفاؤل لكون أكثر من 4 ملايين عراقي قد تمكنوا من العودة إلى ديارهم وبدأوا ببناء حياتهم من جديد. ولسوف يرى كل من ينظر إلى شوارع المدن التي كانت مدمّرة ذات يوم، دلائل واعدة على إعادة الإعمار. ومثال على ذلك إعادة فتح جامعة الموصل، إلى جانب ما يُشاهد من نشاط في العديد من الأسواق والمدارس والمستشفيات والمؤسسات التجارية في أجزاء من المدينة. ومؤخراً، أقيم معرض في متحف الموصل الذي جاء لمشاهدته 6 آلاف شخص ممن يتوقون إلى الاطلاع على كيفية استعانة الفنانين من أبناء الموصل بالتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لإنتاج نسخ مطابقة لقطع أثرية كان تنظيم «داعش» قد حطمها بكل وحشية. ولا شكّ أن ذلك يظهر كيف أن أهل الموصل يوظِّفون أساليب مبتكرة لبدء مسيرة التعافي وتضميد الجراح
لقد أصبح من الممكن اليوم الاحتفاء بمؤشرات التقدم هذه رغم أننا نعلم علم اليقين بأن ثمن ما تحقق كان باهظاً. وعلينا أن نشيد بشجاعة وعزيمة كل أولئك الرجال والنساء الذين قاتلوا بكل جهد ليعيدوا الاستقرار والسلام، وأن نحَيّي بصورة خاصة أولئك الذين ضحوا بحياتهم في سبيل ذلك. كما أحَيّي المواطنين في العراق وسورية الذين تحلَّوْا بالجرأة والعزم على تخليص أنفسهم من هذا الخطر
ومع هذا كله، فإننا ندرك بأن استعادة الأراضي لا تكفي لهزيمة «داعش». فقد دأب المجتمع الدولي خلال السنوات الأربع الماضية على العمل معاً لمكافحة تنظيم «داعش» على خمسة محاور: عسكرياً، وعبر تدريب القوات المسلحة في العراق، وضمان تجفيف منابع دخله المالي، وإضعاف قدرته على تجنيد المقاتلين، واستخدام مجموعة من الوسائل للحدّ من قدرة «داعش» على بثّ آيديولوجيته الهدامة ونشرها
يعتبر التحالف الدولي هذا أضخم إطار تعاوني لأكبر عدد من الدول والمنظمات في التاريخ، إذ يضم 74 بلداً و5 منظمات. ولسوف نستمر معاً في التصدي لهذه التحديات من خلال توظيف خبرات التحالف المشتركة، ومواصلة التكيُّف مع كل ما قد ينشأ أمامنا من تحديات جديدة. وبينما يعود تنظيم «داعش» إلى كونه تنظيماً من المتمردين، فإن التحالف سيبقى صامداً ومتحداً ضد عدوّ مشترك.
– الممثلة الرسمية للتحالف الدولي ضد «داعش»