مدرسة سرية فنلندية تعلم عن بعد أطفال داعش في مخيم الهول بسوريا

#وكالات

تراجع المدرسة إيلونا تيميلا من منزلها في العاصمة الفنلندية، هلسنكي، مئات المحادثات على تطبيق واتساب مع تلاميذ فنلنديين هم أبناء عناصر في تنظيم ”داعش“ كانوا محتجزين بمخيم في سوريا، بينها صور حيوانات وتمارين حساب وجمل بسيطة بالانكليزية والفنلندية.

قدمت هذه المعلمة العام الماضي دروسا لأطفال فنلنديين محتجزين على بعد نحو ثلاثة آلاف كيلومتر في مخيم الهول للنازحين في سوريا، مستعينة فقط بالتطبيق الهاتفي الخاص بالمراسلات.

وقالت تيميلا إن ”بعض الأطفال لم يعرفوا ما هو المبنى أو المنزل، لأنهم لم يقيموا إلا في خيام، هم بحاجة لتعلم الكثير من الأمور“.

وراودت فكرة الدروس الهاتفية للأطفال الفنلنديين في الهول، عندما بدأ التلاميذ في أنحاء العالم التعلم عن بعد مع تفشي فيروس كورونا المستجد، وبمساعدة مؤسسة لايفلونغ الفنلندية للتعليم، طلب مسؤولون من تيميلا، المتخصصة في تعليم الأطفال الفنلنديين في الخارج، ومعلمة أخرى، وضع برنامج تعليميي وتطبيقه.


مع حظر الهواتف في المخيم، كان لا بد من تقديم الدروس سرا، كما لم يُكشف للمواطنين الفنلنديين عن المشروع الحساس سياسيا، أبلغ تانر الأمهات بتفاصيل الحصص الطوعية، في اليوم نفسه حصلنا على ثمانية أطفال ربما“، وفق تيميلا.


وسرعان ما انضم 23 من بين 35 طفلا فنلنديا في المخيم إلى المشروع.

خلال فترة قصيرة بدأت تيميلا وزميلتها بتبادل مئات الرسائل النصية والصوتية مع الأطفال الذي كانوا يتلقون درسا أو اثنين يوميا، موضحة أن ”الصغار كانوا يُلقنون اللغة الفنلندية دائما فيما الأكبر سنا كانوا يتلقون دروسا في الجغرافيا أو التاريخ، والبعض منهم طلبوا تعلم الإنكليزية“.
وإرسال الصور كان يستهلك الكثير من طاقة الإنترنت لذا اعتمدت المعلمتان على رموز الإيموجي، قبل أن تتنبها إلى عدم وجود رموز للكسور الحسابية أو لتوت العليق المنتشر في كل مكان في فنلندا.
وقالت تيميلا ضاحكة إنه ”خلال العام أُضيف توت العليق إلى الإيموجيز، وفرحنا بذلك“، مضيفة أنها ”وزميلتها كانتا تشعران بالقلق دائما على مصلحتهم خصوصا عندما كنا نسمع أنهم مرضى أو عن هبوب عاصفة وانهيار خيمتهم، والاتصالات مع بعض العائلات كانت تتوقف في بعض الأحيان“.
وأفاد الموفد تانر بأن ”بعضهم هرب من المخيم، لذا كانوا يشاركون في الدروس خلال فرارهم في شمال غرب سوريا في منطقة تشهد نزاعا مسلحا، البعض أعيدوا إلى سلطات بلدهم وتركوا مجموعة التلاميذ نهائيا، بعد أشهر من التعليم، كشفت والدة طفلة عمرها ست سنوات أنه بات بإمكان ابنتها الآن القراءة“.

وقالت تيميلا إن لديها شعورا ”بالحزن أكثر منه الغضب“ تجاه الأمهات اللواتي أخذن أطفالهن إلى النزاع، العديد منهن كن ضعيفات وصدقن وعود الجهاديين لهن بالعيش في ”جنة ما“.

وأوضحت تيميلا أنه ”ليس بإمكان جميع الأطفال بعمر ست سنوات في فنلندا القراءة، كانت لحظة فرح“.

أدركت تيميلا أنها قد لا تعرف أبدا مصير تلاميذها الذين سُلموا لسلطات بلدهم لكنها دُعيت ذات يوم إلى مركز استقبال في فنلندا، وكان لقاؤها عددا من تلاميذها وجها لوجه للمرة الأولى ”ساعات مفعمة بالمشاعر“، كما قالت، و“اقتربوا إلى مسافة قريبة جدا“ وقرأت تيميلا لهم، وأوضحت: ”أردت أن أعرف كيف هي أمورهم وكيف أستطيع المساعدة“.
ونظمت وزارة الخارجية الفنلندية عودة 23 طفلا وسبعة بالغين، وقال تانر إن 15 شخصا ”ممن يصعب الوصول إليهم“ ومن بينهم 10 أطفال، لا يزالون في مخيمات في سوريا، وكانت مسألتهم قد أثارت انقسامات في فنلندا لكن المعارضة ”باتت أكثر صمتا“.

وصل برنامج تيميلا التعليمي إلى نهاية الطريق في منتصف 2021 وفي وقت لاحق عممت الوزارة المشروع، وتنظر تيميلا الآن في كيفية استخدام النموذج التعليمي المبتكر في مناطق أزمات أخرى أو مخيمات، وتلقت طلبات تتعلق باليونان وبورما وكولومبيا، وتقول مبتسمة: ”بات لقبي معلمة الهول، لكنني فخورة بما فعلنا“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى